..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الشام المباركة

مضايا توءم الزبداني وجرحها النازف

بيداء عبد الله

٦ سبتمبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 11166

مضايا توءم الزبداني وجرحها النازف

شـــــارك المادة

على بعد 2 كيلومتر فقط من الزبداني تقع مضايا. هي بلدة صغيرة وآية في الجمال تتربع على مساحة 3 كم مربع تقريباً، إلى جانبها سهل واسع خصب يسمى كروم مضايا فيه ما لذّ وطاب من الخضار والفاكهة.
عمل أهلها بالزراعة والتجارة فعرفت البضائع الأجنبية المهربة في مضايا وخاصة الأدوات الكهربائية، أما عن الزراعة فقد كان لها النصيب الأكبر من عمل أهلها.

مضايا الثورة:
بدأ الحراك السلمي في مضايا بخروج المظاهرات السلمية التي نادت بإسقاط النظام وبما أنّ السلاح موجود مسبقاً في مضايا فما لبثت أن تحولت الثورة السلمية إلى مسلحة وانضمت إلى جانب الزبداني وساهم ثوارها بصد الحملات العسكرية عنها.
يسميها البعض توءم الزبداني فقربهما الجغرافي وصلات القربي والأخلاق من النخوة والشهامة وإكرام الضيف جمعتهما حتى في الثورة فكانت المظاهرة تخرج من الزبداني لتكمل إلى مضايا سيراً على الأقدام لتؤكد وحدة الدم والهدف.
ولكن بعد تهديدها بالقصف عقدت مضايا عدة هدن مع النظام لحماية المدنيين اللاجئين إليها هرباً من بلداتهم في ريف دمشق والزبداني خاصة فكانت الملجأ الآمن والحضن الدافئ للنازحين.

وعندما حوصرت الزبداني من قبل جيش الأسد كان لمضايا نصيبها أيضاً، فتمركزت الحواجز على الجبال المحيطة بها وتقطعت البلدة وسهلها بالحواجز والشبيحة نذكر منها: حاجز آية الكرسي أقوى حواجز المنطقة وتتركز فيه قناصة، حاجز النقطة الجديدة، حاجز الأتاسي في الزبداني يقصف مضايا أيضاً، حاجز المرسيدس، حاجز قوس بقين، حاجز بناء عبد المجيد، حاجز الوزير، حاجز المطحنة، حاجز النقطة الثالثة، حاجز مرج التل وغيرها من الحواجز التي بلغ عددها 65 حاجزاً.
اليوم مع الحملة الشرسة التي تجاوزت الشهرين على الزبداني تعرضت مضايا للقصف بالبراميل المتفجرة قذائف المدفعية وكذلك رصاصات القنص لم تستكن بفتك أرواح المدنيين العزل فيها رغم الهدنة المزعومة التي عقدها وجهاء مضايا مع النظام لتجنب نقل أية معركة لبلدة صغيرة تحوي اليوم 45 ألف نازح حسب ناشطين.

إجرام النظام بحق قاطنيها:
نتيجة للقصف على بلدة مضايا شهدت عدة مجازر منها مجزرة بحق عائلة من آل شعبان من خمسة أفراد وأخرى بعائلة من آل زعرورة خمسة أفراد وهي عائلة زبدانية نازحة إليها، ومجزرة بعائلة من آل منصور أربعة أفراد خلال الشهر الماضي فقط.
وذكر الناشط حسام مضايا على صفحته في وقت سابق "مضايا أكثر من 1000 قذيفة وصاروخ و6 براميل متفجرة استهدفت البلدة خلال فترة 3 ساعات علماً أنّ البلدة تحتوي على أكثر من 45 ألف عائلة أغلبهم وافدون من مدينة الزبداني" في 3/9/2015.
ونوه أنّ القصف أسفر عن 7 شهداء وأكثر من ثلاثين جريحاً هم حصيلة المجزرة التي ارتكبتها ميليشيا حزب الله وقوات النظام في بلدة مضايا بأكثر من ٥٠٠ قذيفة وصاروخ وخلال مدة زمنية لا تتجاوز الساعة يوم 3/9/2015 قامت المليشيات بدك بلدة مضايا معلنة بذلك نسف أي طريق للتفاوض أو التسوية المحلية راهنة بذلك مصير بلدة مضايا بمصير بلدة الفوعة على حد قوله.

حصار اقتصادي:
تتعرض مضايا لحصار اقتصادي وقطع للكهرباء بشكل تام وحصلت الأورينت على أسعار بعض السلع والمواد:
الطحين 1200ليرة أي ما يعادل 4 دولار أمريكي، الأرز 950 ليرة سورية البرغل 1000 ليرة سورية، السكر 850 ليرة سورية أما الخبز غير متوفر أبداً. سعر جرة الغاز 9500 ليرة سورية.
أما الأدوية فهي نادرة أيضاً وأسعارها زادت عشرة أضعاف عن سعرها الحقيقي لندرتها وصعوبة تأمينها. حسب ما جاء في بيان المركز الطبي الصادر عن الطبيب محمد درويش العامل في المركز جاء فيه "في ظل الحصار الخانق الذي تشهده البلدة منذ أكثر من خمسين يوم و الذي سبقه حصار امتد لستة أشهر تعاني البلدة من نقص حاد بالأدوية بشكل عام و الأدوية الإسعافية و أدوية المتابعة بشكل خاص (صادات - مسكنات - سيرومات - قثاطر - شاش - أجهزة نقل - أكياس دم) ما يعيق عملية العلاج عند المصابين ويضاعف من إصاباتهم فنسبة 25% من المصابين تعرضوا لانتكاسات بعد إجراء جراحات صغرى أو جراحات كبرى بسبب نقص الدواء أو عدم توفر أنواع معينة منه" وذكر البيان أن عدد الجرحى تجاوز 500 جريح وذكر أيضاً "لا يمكننا القول اليوم إن الدواء غير متوفر فتجار السوق السوداء استغلوا أزمة الحصار وبدأوا بإدخال المواد الطبية على شكل دفعات صغيرة بشكل يومي و لكن بأسعار جنونية فوصل ثمن حقنة السيفترياكسون الواحدة في أحد المرات إلى ما يقارب 4$ أمريكي أما حقنة الديكلوفيناك فوصلت في أحد المرات إلى 2$ أمريكي (كل 1$ يعادل 300 ليرة سورية تقريباً) أما عن الشاش وهو العنصر الأهم فوصل سعر الكيلو غرام منه غير المعقم إلى ما يقارب 30$.

أما السهل فقد أصبح منطقة عسكرية ومنع الكثير من الفلاحين رعاية أراضيهم مما أدى لموت الأشجار عطشاً وحرق قسم آخر على يد قوات النظام المتمركزة فيه مما زاد الأحوال المعيشية والاقتصادية سوءً.

بلدة منكوبة:
أصدر المجلس الثوري في مضايا وبقين بياناً يعلنون فيه مضايا وبقين بلدتين منكوبتين وذلك بداية الشهر الجاري ناشد البيان جميع المؤسسات الإنسانية للتدخل:
"إننا في المجلس المحلي الثوري في بلدتي مضايا وبقين، نطالب كل من يملك حسّاً إنسانياً أن يقف موقف المسؤول أمام ما نتعرض له من حرب إبادة (طائفية -همجية -ممنهجة) من قبل قوات النظام وميليشيا حزب الله اللبناني، بقتل الأطفال والشيوخ والنساء من خلال فرض حصار غذائي عسكري خانق على البلدة منذ ثلاثة شهور".

وأضاف البيان أنّ "النظام قام باستقدام مئات العائلات من مدينة الزبداني وبلودان وما حولهما وقام بإدخالهم قسراً إلى بلدة مضايا، هادفاً بذلك إلى زيادة الضغط الإنساني والبشري والمعيشي في مساحة لا تزيد عن 3 كم، معرضاً بذلك البلدة وكل ساكنيها إلى مجاعة وكارثة إنسانية، من نقص في الدواء والغذاء، ما ينذر بموت بطيء للأطفال والشيوخ وانتشار الأوبة والأمراض".
وختم البيان أنّ "قوات النظام قامت منذ 20 يوماً بتصعيد عسكري كبير على المنطقة، حيث استهدفت البلدتين بالصواريخ والقذائف بالإضافة للبراميل المتفجرة، ما أوقع عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، في ظل عدم وجود مشافٍ ومنع إسعاف المصابين إلى خارج البلدة، كما قام النظام باستهداف الطواقم البشرية من فرق دفاع مدني الأمر الذي ينذر بموت محتم للجرحى".

ومن الجدير بالذكر أنّ مضايا قدمت أكثر من400 شهيد حتى اليوم وعشرات المعتقلين هذا العدد الكبير لبلدة صغيرة بتعداد سكان 15 ألف نسمة. ويمنع دخول وخروج أي شخص منها.
وعن مستقبل مضايا يتخوف ناشطون من ارتكاب مجازر أخرى بحق النازحين وأهلها أو استمرار تجويعها كما حدث في الغوطة الشرقية. أما عن عقد هدنة جديدة فهي اليوم مستحيلة لأنّ موضوع مضايا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بموضوع الزبداني وأصبحت على طاولة المفاوضات مقابل الفوعة.
 

 

أورينت نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع