روس دوثات
تصدير المادة
المشاهدات : 3452
شـــــارك المادة
في حرب دامت سنوات طويلة بلغت فيها خسائرها البشرية والمادية مبلغاً لا يستهان به، شكلت الولايات المتحدة جيشاً (محلياً) كبيراً من أجل الحؤول دون إنشاء الجهاديين ملاذاً آمناً لهم في الشرق الأوسط. وتولى مدربون أميركيون الإشراف على تدريب الجيش هذا، ومدته واشنطن بالسلاح والعتاد، وبلغ عديده 250 ألف جندي.
ولا يخفى أن الكلام يدور على الجيش العراقي. ولا تخفى كذلك الحوادث التي أدت الى تعاظم قوة الجهاديين: تمدد الحرب الأهلية السورية إلى العراق، وشن «الجهاديين» حملات ضد الجيش العراقي ورجحان كفتهم. وطُردت فرق عراقية تولت أمريكا تنظيم بنيتها من مواقعها، وهرب الجنود الذين دربتهم من المعركة، فوقعت الأسلحة الأميركية في أيدي «الدولة الإسلامية». وقد تحمل هذه الحوادث عبراً حبذا لو تعتبر واشنطن بها.
فمن العسير إيجاد حلفاء في الشرق الأوسط الذي تعمه الفوضى. ولكن يبدو أنها تغفل دروس تجاربها السابقة. فاستراتيجيتها الجديدة الرسمية تدور على ما سبق اختبار فشله: ابتكار حلفاء، ومدهم بالسلاح والمال، وإقناع الذات بأن الأمور ستسير على ما يرام.
والحلفاء اليوم في سورية «معتدلون»، واقترع الكونغرس الأسبوع الماضي لتدريبهم وتسليحهم. واستخدم عبارات مثل «هؤلاء ليسوا مخيفين مثل الآخرين» لدى الكلام على الثوار في سورية. ولا يزيد عدد المقاتلين السوريين الذين ستدربهم أمريكا هذا العام على 5 آلاف، أي سدس عدد مقاتلي «داعش». ولا تبدو حظوظ المقاتلين السوريين واعدة. فالثوار ينوون استخدام السلاح الأميركي في قتال نظام الأسد و»داعش»، على حد سواء. ولا شك في أن إخفاق أمريكا في تشكيل جيش قادر على إرساء استقرار العراق وحمايته، إثر سحبها قواتها، هو مأساة تراجيدية، لكن الرهان على تسليح الثوار هو أقرب إلى تراجيديا عبثية.
وتزعم الإدارة الأميركية أنها ليست أمام خيارات طالحة في سعيها إلى احتواء «الخلافة» أو إطاحتها. والخيار الواقعي غير العبثي اليتيم هو ذلك الذي انتهجه الرئيس الأميركي حين اختار شن ضربات جوية محدودة لنجدة الأكراد الشهر الماضي.
وخياره هذا كان يندرج في سياق استراتيجية احتواء وتقويض تلتزم خطوط المعركة في العراق، وتنتظر تفاعل القوات الكردية والجيش العراقي مع الدعم الجوي وتمتحن قدرة الجانبين على التقدم على الجبهة الغربية، وترى هل الحكومة العراقية بعد المالكي قادرة على استمالة القادة السنّة وتوسل القوة الجوية إلى تقويض قدرات الخلافة القتالية وانتظار تآكل أركانها فتنهار من الداخل. لكن استراتيجية الاحتواء هذه تترك مناطق كثيرة في قبضة «الدولة الإسلامية» لأشهر أو سنوات مقبلة. ولذا، استدارت الإدارة الأميركية نحو سورية وانتهجت استراتيجية الوهم الرامية إلى تسليح الثوار. لكن واقع الحال مرير. فإلحاق الهزيمة بـ«داعش» في سورية يقتضي أكثر من إلقاء بضع قنابل عليها ودعم مجموعة صغيرة معتدلة دربتها أمريكا. يقتضي تدخل قوات برية أميركية أو التحالف مع نظام بشار الأسد. وثمة مؤيدون لهذين الخيارين في أوساط الحزب الجمهوري. وعدد كبير من الصقور يميل إلى إرسال قوات برية إلى أرض المعركة. فجون ماكين دعا أمريكا إلى شن حرب على الأسد والإسلاميين، في آن.
ويبدو أن راند بول على رغم تصريحاته الملتبسة يميل إلى الرأي القائل بالتحالف مع الأسد. ولا شك في أن البيت الأبيض لا يستسيغ الخيارين، لكن المقاربة الحالية ترجّح كفة وجهة نظر ماكين، وتنحو إلى التصعيد تدريجاً (القصف اليوم، وقوات خاصة غداً، وما بعد الغد...؟) في سورية، فتتجه الأمور إلى الصدام مع الأسد وخوض حرب على أكثر من جبهة. وفي وسع الرئيس الأميركي التراجع والعودة إلى استراتيجية الاحتواء والتقويض في العراق وتفادي التزام كبير في سورية. وهذه الاستراتيجية لا تطيح «الدولة الإسلامية» فوراً، لكنها لا تفترض اللجوء إلى حلول سحرية على غرار استنباط حليف يعتد به في وقت تتفشى خلافات الحرب الأهلية السورية، أو التحالف مع أكثر الديكتاتوريين دموية في المنطقة، أو العودة إلى الحرب البرية وعملية بناء الأمة في منطقة لم تثمر فيها مساعينا وذهبت هباء. والتراجع عن الانزلاق إلى تدخل بري في سورية أو التحالف مع الأسد، يجنب أمريكا الوقوع في براثن الأوهام التي أودت بها إلى العراق في 2003. ويبدو أن بعض الأوهام يعصى تبديده على واشنطن. السبيل نقلاً عن نيويورك تايمز
عبيدة عامر
ساسة بوست
نصوحي غونغور
لويس روث
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة