ياسر سعد الدين
تصدير المادة
المشاهدات : 3496
شـــــارك المادة
في صفحتها الأولى يوم الثلاثاء 17 /4 /2012 وتحت عنوان "الأردن تعتقل موظفين بـ«الجزيرة» يهربون الأسلحة"، كتبت صحيفة الوطن السورية: "في تطور لافت على الحدود الأردنية مع سورية، تمكنت قوات الأمن الأردنية من إلقاء القبض على ثلاثة من العاملين في قناة «الجزيرة» أثناء قيامهما بمحاولة لتهريب أسلحة وأجهزة اتصال عسكرية متطورة إلى الداخل السوري.
ذكرت الاستخبارات الأردنية أن عناصرها تمكنت من ضبط 3 أشخاص من الموظفين في قناة «الجزيرة» القطرية وكانوا يحملون بطاقات عمل من القناة، وكانوا داخل سيارة تحمل لوحة سورية". يأتي نشر وإبراز هذا الخبر بعد أيام معدودات من قرار مجلس الأمن 2042 حول إرسال مراقبين دوليين لسوريا للإشراف على ما سمي وقف إطلاق النار طبقاً لخطة كوفي عنان، والتي تشمل "ضمان حرية التنقل في جميع أنحاء البلاد للصحافيين، وضمان عدم ممارسة سياسة تمييزية في منح التأشيرات لهم". من السهولة بمكان التأكد من صحة الخبر، خصوصاً أنه مرتبط بأجهزة الدولة الأردنية، والتي لم تعلن عن شيء من هذا القبيل على الإطلاق. ليست المسألة هنا في الحديث عن واحدة من مغالطات النظام وأكاذيبه والتي تكاد تصبح عصية على الحصر، خصوصاً من جهة تضارب الروايات في المسبب الرئيسي للإحداث في بدايتها أو عن السيارات المفخخة والأسلوب الفاضح في التعامل مع ما وثقته الصور الثابتة والمتحركة، ولكن القضية تحمل بعدين رئيسين؛ خصوصاً فيما يتعلق بالتطورات السياسية المتلاحقة في القضية السورية. فالإعلان المخادع يكشف نوايا النظام الحقيقية في التعامل مع خطة عنان للمكابرين ممن يزعمون حرصهم على سوريا دولة ووحدة وسيادة، وهو يقع ضمن سياق سيل من الأخبار الكاذبة والتي تنسب للمعارضة والثوار انتهاكات مزعومة لوقف إطلاق النار في محاولة من النظام للتحلل من التزاماته فيما يتعلق بخطة عنان بحجج أن الطرف الأخر هو من أفشلها. البعد الثاني: يحمل تهديداً للإعلاميين والصحفيين ممن يفترض أن تفتح لهم خطة عنان أبواباً مشرعة، بأنهم مستهدفون إذا ما حاولوا نشر الحقائق كما يرونها، وما أيسر أن يتهم النظام المعارضين باستهداف الصحفيين كما حصل مع الفرنسي جيل جاكييه، أو أن يتهم الإعلاميين بتهريب الأسلحة والتعاون مع "المتطرفين" كما حدث مع الصحفيين البريطانيين من أصل جزائري وليد بودينة ووسيم لعزايزية، واللذان كانا في مهمة لإنجاز برامج وثائقية عن الأحداث في سوريا، وعاد إعلام النظام بعد نفي استهدافهم ليؤكد أنهم من العناصر المتطرفة وليسوا صحفيين. نظام الأسد يبغض الصحافيين والإعلاميين لأنه يريد ممارسة جرائمه في الخفاء وفي الظلام، بل إن أكثر النشطاء استهدافاً منه هم أولئك الذين كانوا يوثقون الأحداث متابعة وتصويراً، مثل المصور فرزات جربان، والذي قلع النظام عينيه من شدة حقده على "جريمته" في نقل ونشر الحقيقة. وفي حين يستهدف النظام الإعلاميين كما جري في بابا عمرو، حين قتل الصحفية الأمريكية ماري كلفن، والمصور الفرنسي رماي اوشليك، وأصاب المصور البريطاني بول كونروي، ومراسلة "لو فيغارو" الفرنسية اديت بوفييه؛ نجد أن الثوار يدفعون حياة أكثر من عشر من أبطالهم في سبيل إنقاذ ونقل نفس الإعلاميين الجرحى للبنان لأنهم يعتبرون الإعلام الحيادي والمنصف هو أكبر حليف لهم في مواجهتهم لإرهاب النظام. النظام السوري ومن الأيام الثورة الأولى ولحد الآن يحمّل المسؤولية الكبرى فيما يجري بالبلاد للإعلام وتحريضه، وكأن الشعب كتلة صماء يسهل توجيهها وإدارتها ومن بعد، وهي مغالطة تشير إلى استخفاف كبير بوعي السوريين وفطنتهم ووطنيتهم. في خطابه الأول في مجلس الشعب في آذار 2011 تحدث بشار عن تحريض إعلامي بدأ قبل أسابيع من الثورة، وفي خطابه الثاني بجامعة دمشق 20 /6 /2011 تحدث عدة مرات عن الإعلام فقال: "وماذا نقول عن الضغط الإعلامي، وماذا نقول عن الهواتف المتطورة التي بدأنا نجدها في سورية تنتشر بين أيدي المخربين"، وقال: "فهناك أشخاص تدفع لهم أموال ليقوموا بعمليات التصوير والتعامل مع الإعلام، والبعض تدفع له أموال ليشارك في مظاهرات لمدة دقائق ويتم تصويرها". النظام ومن الأيام الأولى اعتبر الكاميرا والإعلام والهواتف المتطورة والقنوات الإخبارية أسلحة فتاكة يجب إرهاب أصحابها وإرعابهم وتصفيتهم جسدياً أو تشويه سمعتهم الأخلاقية والمهنية. لم يتحمل النظام المصور علي شعبان المحسوب على حليفه الأوثق في لبنان حزب الله، والذي كان يقف على الحدود اللبنانية لتصوير الأحدث فأراده قتيلاً، فكيف سيتحمل إعلاماً حراً وإعلاميين يمتلكون حرية الحركة والتعبير؟ سيتعامل معهم بمنطق الإفساد أو التصفية أو تشويه لسمعتهم والكيد لهم وتصنيفهم في عداد الإرهابيين.
سمارت للأنباء
أسرة التحرير
شبكة شام الإخبارية
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة